الشيخ عبدالرحمن بن أبو بكر القزاز
(الجد الجامع للأسرة القزازية ومؤسسها)
يُعد الشيخ عبدالرحمن بن أبو بكر القزاز المؤسس الأول للأسرة القزازية، وإليه ينتهي نسبها المتسلسل في مكة المكرمة. وُلِد في حدود منتصف القرن الحادي عشر الهجري، أي في الفترة الواقعة تقريباً بين النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي وبداية القرن الثامن عشر، وذلك في مكة المكرمة التي كانت حينها مركزاً دينياً وتجاريًا زاخرًا بالأنشطة العلمية والحرفية.
تأسيس صناعة القزاز في مكة
عرف الشيخ عبدالرحمن بن أبو بكر القزاز بمهارته وابتكاره، حيث أسس في محلة القرارة بمكة مصنعًا لصناعة القزاز (الزجاج)، وهو من أقدم المصانع التي ورد ذكرها في كتب التاريخ التي تناولت مكة، ومن ذلك ما ذُكر في كتاب مكة المكرمة في شذرات الذهب.
كان المصنع ينتج أنواعًا عديدة من الأدوات الزجاجية التي تحتاجها البيوت والأسواق وحلقات العلم في مكة. ومن أبرز منتجاته:
-
الفوانيس والقناديل ذات الفتائل التي توقد بالزيت أو الشحم، والتي انتشرت في المساجد والمجالس والبيوت.
-
الأدوات الزجاجية الخاصة بالاحتفالات والمناسبات، مثل الأعراس والولائم.
-
الأكواب وأوانٍ زجاجية أخرى تلبية لحاجة السوق المكي.
لقد أدى هذا المصنع دورًا مهمًا في الحياة الاجتماعية والدينية بمكة، إذ قدّم منتجات أساسية للناس، وأسهم في تيسير نور المساجد والمجالس قبل ظهور الوسائل الحديثة للإنارة. وقد ارتبط اسم الشيخ عبدالرحمن القزاز بهذه الصناعة، حتى غدت مهنة "القزاز" جزءًا من هُوية العائلة وأصل لقبها.
أبناؤه وبناء السلالة
خلّف الشيخ عبدالرحمن القزاز خمسة من الأبناء الذين شكّلوا الفروع الكبرى للأسرة القزازية، وهم:
-
صالح
-
عبدالغني
-
بكري
-
عبدالحي
-
عثمان
ومن نسل هؤلاء الخمسة تكوّنت الأسرة القزازية عبر القرون اللاحقة، فهم السلسلة الممتدة التي ما زالت فروعها حاضرة في مكة المكرمة وخارجها.
انتقال الحرفة وتحوّل النشاط
توارث أبناء عبدالرحمن القزاز مهنة صناعة الزجاج بعد وفاته، فحافظوا على المصنع وأداروه جيلاً بعد جيل، حتى صار بمثابة رمز صناعي للعائلة. واستمر نشاطهم في هذا المجال فترة طويلة من الزمن، إلى أن ضعفت الحاجة للإنتاج المحلي مع دخول الصناعات الحديثة والأسواق المستوردة، مما أدى إلى اندثار المصنع تدريجيًا.
بعد ذلك، توجهت العائلة إلى مجال آخر من مجالات التجارة المنتشرة حينها في مكة وهو البز (القماش)، مستثمرين في تجارة المنسوجات التي كانت مطلوبة لدى الحجاج والتجار والأسواق المحلية. وكان هذا التحول شاهدًا على مرونة العائلة في التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
الإرث العائلي
إن شخصية الشيخ عبدالرحمن بن أبو بكر القزاز تمثل الركن الأساس في تاريخ الأسرة، إذ ارتبطت به نشأة العائلة واسمها وحرفتها، وقد ترك أثرًا بارزًا في تاريخ مكة الحِرفي والاقتصادي. وظل اسمه حاضرًا بين الأجيال المتعاقبة باعتباره الجد الجامع الذي انطلقت منه السلسلة المباركة للأبناء والأحفاد.